قميص محاك بشعر بشري.. هل يُحدث هذا النوع من النسيج ثورة بصناعة الأزياء؟

ستايل
نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هناك قواسم مشتركة بين المعطف الصوفي والشعر المستعار البشري أكثر مما اعتُقِد، إذ أنهما لا يساعدان على الحفاظ على حرارة الجسم فحسب، بل كلاهما مصنوع من ألياف بروتين الكيراتين.

والآن، تتساءل شركة هولندية ناشئة عن سبب ارتداء أحدهما وإهدار الآخر.

تأمل شركة Human Material Loop في إحداث تحول بصناعة الأزياء من خلال تحويل الشعر البشري إلى نسيج.

وحتى الآن، صممت الشركة نماذج أولية لمعاطف، وكنزات، وسترات من الشعر البشري، على أمل أن تقوم شركات الملابس يومًا ما بشراء لفات من موادها البديلة من أجل تصاميمها الخاصة.

الشعر البشري
قامت الشركة بصنع نماذج أولية لمعاطف وسترات وكنزات من الشعر البشريCredit: David can Woerden/Human Material Loop

من جهتها، صرحت المؤسسة المشاركة للشركة، زوفيا كولار، بأنها لطالما كانت مفتونة بإمكانيات استخدام الشعر كنسيج. لقد كانت مهتمة بالمشاعر التي يكنها الناس تجاهه، وقالت: "كم نحن نهتم بشعرنا، لكن ما أن يتم قصه، نشعر بالاشمئزاز منه".

وعندما ضربت جائحة "كوفيد-19" العالم، واجهت كولار أزمة هوية كمصمّمة وقرّرت تصحيح مشكلة الهدر في صناعة الشعر.

لا للهدر

الشعر البشري
تأمل الشركة أن يشتري مصنعو الملابس لفات من موادها البديلة لتصاميمهم الخاصةCredit: Medina Resic/Human Material Loop

كل دقيقة، تنتج الصالونات في الولايات المتحدة وكندا 877 رطلاً من النفايات. عندما يتحلل الشعر من دون وجود الأكسجين، وإسوة بكيس القمامة الموضوع في مكب النفايات، فإنه يطلق غازات دفيئة تسهم بأزمة تغير المناخ.

وفقًا لشركة Human Material Loop، ينتهي الأمر بـ72 مليون كيلوغرام من فضلات الشعر البشري في مكبات النفايات الأوروبية سنويًا، أي ما يعادل وزن 7 أبراج إيفل.

وقالت كولار: "إنه تيار كبير ووفير من النفايات، وليس له حل قابل للتطوير حاليًا". وتضيف أن معظم الدول تحرق هذه النفايات، وأن العديد من الحلول البديلة ليست صديقة للبيئة، أو غير ملائمة للاستخدام على نطاق واسع.

وتوضّح كولار أن استخدام نسيج الشعر لا يختلف كثيراً عن حياكة سترة بأي مادة أخرى، إذ يُغزل الشعر القصير معًا ويتحول إلى خيط متواصل لصنع خيط، ثم يُصبغ بأصباغ نقية.

وأضافت أنه مع قيام الشركة بتوسيع نطاق الإنتاج، فإنها قد تقوم بصبغ الخيوط أو القماش، اعتمادًا على أيهما أكثر كفاءة.

وكان النموذج الأولي لشركة Human Material Loop عبارة عن سترة ذات ملمس يشبه الصوف.

وقالت كولار: "كنت بحاجة إلى صنع منتج يمكن للناس أن يرتبطوا به، وكانت أحد النماذج الأولية الأكثر جدوى التي يمكن أن نصنعها، ولكنه أيضًا الأكثر ارتباطًا".

الشعر البشري
توضح كولار أن استخدام الشعر البشري لا يختلف كثيرًا عن حياكة سترة من الصوف.Credit: Medina Resic/Human Material Loop

ومنذ ذلك الحين، قامت الشركة باختبار نماذج أولية أخرى، ضمنًا معطفًا خارجيًا محشوًا بالشعر لتوفير العزل الحراري، الذي وضعته قيد الاختبار في ظروف قاسية خلال رحلة استكشافية إلى جبل أكونكاغوا، أعلى جبل في الأرجنتين.

مع ذلك، هذه التصاميم ليست متاحة للشراء، فالهدف منها توفير المواد للمصممين والعلامات التجارية الأخرى لاستخدامها.

الشعر البشري
تستورد الشركة الشعر البشري من الصالونات في كل من هولندا، وبلجيكا، ولوكسمبورغCredit: Nikola Lamburov/Human Material Loop

وتشير كولار إلى أن السعر يجب أن يكون منافسًا للصوف بمجرد وصوله إلى حجم إنتاج أكبر، قائلة : "نحن نعلم أن ارتداء شعر بشري على أجسادنا، ليس أمرا معظم الناس مستعدين له بعد".

لكنها تعتقد أن الفكرة يمكن أن تحظى باهتمام لدى الجمهور. وبالنسبة لكولار، لا يقتصر الأمر على ارتداء سترة مصنوعة من الشعر البشري من أجل الحداثة أو الاستدامة؛ بل تؤكد أن شعر الإنسان يعد مادة متينة جدًا.

تستورد شركة Human Material Loop الشعر البشري من الصالونات في كل من هولندا، وبلجيكا، ولوكسمبورغ، باستخدام الشعر المقصوص أو  إذ تقول إنه لا يحتوي على الحمض النووي للنواة التي يمكن أن تُحدّد هوية الفرد. وتعمل الشركة على إنشاء سلسلة توثيقية لتتبع مصدر موادها وإلى أين تذهب.

صناعة متنامية

الشعر البشري
استخدمت شركة Human Material Loop الشعر البشري كعازل حرارة في تصميم هذه السترة.Credit: Pablo Betancourt/Human Material Loop

تاريخيًا، استُخدم الشعر البشري كنسيج في العديد من الثقافات المختلفة. وفي منطقة ميكرونيسيا، صنعت قبيلة كيريباتي درعًا منسوجًا مصنوعًا من مواد طبيعية بما في ذلك ألياف جوز الهند، وأسنان سمك القرش، وأوراق النخيل، والشعر البشري. وفي القرن الثالث عشر، في ما يعرف الآن بجنوب غرب الولايات المتحدة، قام الناس بصنع الجوارب من طريق ربط خصلات الشعر معًا.

ويعد معبد هيغاشي هونغان-جي في كيوتو أحد أكبر الهياكل الخشبية في العالم. وبعدما تعرّض للدمار بسبب اندلاع حريق، مزجت حبال مصنوعة من الشعر البشري، المتبرّع به من جميع أنحاء اليابان، مع القنب واستخدمت أثناء إعادة بناء المعبد في القرن التاسع عشر.

لكن استخدام الشعر كنسيج لا يخل من التحديات، كما توضح ساني فيسر، باحثة هولندية في مجال المواد ومصممة ومحاضرة مشاركة في جامعة الفنون بلندن، ولا صلة لها بشركة Human Material Loop.

وقالت فيسر: "لا يزال هناك جدل حول استخدام الشعر البشري كمادة. نحن لا نقدره حقًا كمورد، بل يُنظر إليه على أنه نفايات، خصوصًا عندما يتم قصّه".

وفي مشروعها الخاص بمتحف التصميم في لندن، عملت فيسر مع مصففي الشعر وتصورت كيف سيصبح الشعر مستقبلًا موردًا قيمًا، وصاغت مصطلح "زراعة الشعر"، كما أعادت تصميم كرسي الحلاقة حتى يتمكن من التقاط الشعر المقصوص،ما يوفر الوقت لمصفف الشعر والقائمين بإعادة التدوير.

وأكدنت فيسر أن استخدام الشعر البشري في منتجاتنا ليس بالأمر السهل في نهاية المطاف.

وقالت: "لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين علينا القيام به لجعل الناس يتقبلونه (الشعر) كمادة، أستطيع بالتأكيد أن أرى دخوله في حياتنا اليومية بشكل أكبر، مع مرور الوقت".